آبا إيبان
شارك وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق آبا إيبان في أكثر المراحل دقة في تاريخ النشاط الصهيوني على الصعيد الدولي أثناء استصدار قرار تقسيم فلسطين عام 1947، وكان من الشخصيات التي لعبت أدوارا مهمة في تدعيم العلاقات الإسرائيلية الأميركية بعد تحول الأخيرة إلى قوة عالمية عقب الحرب العالمية الثانية، ويعتبر من الزعماء السياسيين القليلين في العالم الذين يجيدون بإتقان سبع لغات، الأمر الذي سهل عليه ترويج السياسة الخارجية الإسرائيلية على نطاق واسع.
المولد
قرر سليمان مائير الهجرة من ليتوانيا في روسيا إلى جنوب أفريقيا أواخر القرن الثامن عشر سعيا وراء التجارة، وصحبته في تلك الهجرة زوجته ساكس أليدا، وهناك في عام 1915 أنجبا ابنهما أوبري الذي غير اسمه في ما بعد إلى "آبا" بعد إقامة دولة إسرائيل وانتسب إلى زوج والدته خبير الإشعاع إسحق إيبان بعد وفاة أبيه.
التعليم والنشأة
ربما ساعد التفوق العلمي آبا إيبان في أن يتولى أعلى المناصب السياسية، فكان أهم ما يميزه عن الكثير من القادة الإسرائيليين هو إتقانه للعديد من اللغات مثل اللغة العربية والفارسية والعبرية، كما تعلم الفرنسية والألمانية أثناء دراسته في كامبريدج إضافة إلى اللغة الإنجليزية والروسية التي كان لوالدته الفضل في تعليمها له. أما تخصصه المباشر فكان في اللغة العربية وآدابها واشتهر بتعمقه في قراءة التاريخ العربي والإسلامي.
وفي كامبريدج مارس آبا إيبان هوايته في الخطابة مما لفت الأنظار إليه، والتقى للمرة الأولى بالطلاب العرب والمسلمين الدارسين هناك مما جعله يلمس بيديه قدر الاختلافات الثقافية والفكرية بين العرب واليهود الراغبين في إقامة دولة لهم على أرض فلسطين.
التوجهات الفكرية
يؤمن آبا إيبان بما يسمى الواقعية السياسية، فهو لا ينظر إلى مجريات السياسة الدولية بمنظار المثالية ويعلن دائما "أنها لم تعد مهمة في هذا العالم"، ولذلك كان له نشاط ملحوظ كشف عنه في مذكراته عبر الوكالة اليهودية التي عملت على استصدار قرار تقسيم فلسطين من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 "عن طريق شراء ضمائر ممثلي بعض الدول، وابتزاز رؤساء دول أخرى والتلاعب في توقيت عقد الجلسات بالتنسيق مع حكومات دول كبرى كالولايات المتحدة".
ويعتبر آبا إيبان أن ما تقوم به الحركة الصهيونية "إنما هو نوع من النضال والبراعة السياسية التي استطاعت تأمين الشرعية الدولية من أجل إنشاء إسرائيل".
ويعتقد آبا إيبان أن الحل الأمثل لدولة إسرائيل دائما يكمن في "مزج الإرادة الصهيونية بالقوة المسلحة"، والاستناد في الدعاوى الصهيونية وبخاصة دعوى "الحق التاريخي" لليهود في فلسطين إلى نصوص توراتية حتى وإن كان لا يعطي لها في أعماقه وزنا.
ويقول إن الجانب المهم في هذه المسألة هو أن هناك "شعبا يهوديا" يتعرض للاضطهاد في أوروبا، ويحب تجميعه وإقامة دولة له فوق مساحة من الأرض في العالم العربي الذي يمتلك مساحات شاسعة منها.
وكان لآبا إيبان نظرة مبكرة وثاقبة في مستقبل القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وبخاصة على صعيد السياسة الدولية، وقال إنها "ستخرج من الحرب مدمرة ومنهارة اقتصاديا وعسكريا ومفككة أكثر ومقسمة إلى شرقية وغربية، وإن الكفة سترجح للولايات المتحدة التي لا تزال في بدايات الخروج من دائرة الانغلاق على نفسها".
هذه النظرة من آبا إيبان وغيره من كبار الساسة اليهود وجهت السياسة الخارجية الإسرائيلية منذ الحرب العالمية الثانية وما بعدها باتجاه القوى الكبرى الجديدة التي أسهمت في تدعيم هذا الكيان الجديد.
وقد نشر آبا إيبان أفكاره تلك في كتبه العديدة مثل: الحضارة واليهود، وأرض الميعاد، وبلدي: قصة إسرائيل الحديثة، والدبلوماسية الحديثة، وشعبي، وشاهد عيان، وآبا إيبان. وفي عام 1998 ألف كتابه "الدبلوماسية والقرن الجديد".
حياته العسكرية والسياسية
تشكيل الفيلق اليهودي
أسهم آبا إيبان بطلب من حاييم وايزمان في تشكيل "الفيلق اليهودي" الذي قاتل إلى جانب بريطانيا والحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ولم يكن آبا إيبان بعيدا عن خفايا الجيش البريطاني فقد عمل أوائل عام 1940 ضابط مخابرات في هذا الجيش. وساعد هذا الفيلق في التدريب العسكري لليهود وكان له أكبر الأثر في حرب عام 1948 التي انتهت بتقسيم فلسطين وإقامة دولة إسرائيل.
عقيدا في الجيش البريطاني
ثم انخرط إيبان في سلاح المشاة البريطاني حيث نال رتبة عقيد. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية نقل إلى القاهرة للعمل في الرقابة العسكرية بقيادة الحلفاء.
ضابط الاتصال
وفي فلسطين اختارته بريطاينا ليكون ضابطا للاتصال بين قيادة الحلفاء والفعاليات اليهودية في فلسطين.
رئيس مركز الدراسات العربية
وكانت أولى المناصب العلمية التي تولاها إيبان في مدينة القدس هي رئاسته "مركز الدراسات العربية" الذي أنشأته الوكالة اليهودية واختارت له آبا إيبان لمعرفته عدة لغات من بينها اللغة العربية.
مسؤول الدعاية السياسية
سافر إلى بريطانيا حيث تولى مسؤولية الدعاية السياسية في الوكالة اليهودية خلال عامي 1946 و1947، وذلك لكسب التأييد والدعم السياسي للحركة الصهيونية.
بين الأمم المتحدة والوكالة اليهودية
وفي عام 1947 عمل ضابط اتصال بين الوكالة اليهودية واللجنة الخاصة التي شكلتها الأمم المتحدة لبحث القضية الفلسطينية، ثم اختير عضوا في وفد الوكالة اليهودية الذي تشكل لبحث الخلاف بين العرب واليهود في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
سفيرا في واشنطن
وفي عام 1948 كان إيبان ممثلا لإسرائيل في الأمم المتحدة ثم اختير مندوبا دائما لها منذ عام 1949، وفي الوقت نفسه عمل سفيرا لإسرائيل لدى الولايات المتحدة الأميركية واستمر في هذا المنصب في الفترة من 1950 – 1959.
عضوا في الكنيست
وفي الفترة بين عامي 1958 و1966 شغل آبا إيبان منصب رئيس معهد وايزمان للعلوم، ثم انتخب عام 1966 عضوا في الكنيست.
وزيرا للتعليم والثقافة
وبين عامي 1959 و1960 عين وزيرا من دون وزارة، ثم عهد إليه بوزارة التعليم والثقافة في الفترة من 1960 – 1963، وأصبح نائبا لرئيس الوزراء في الفترة من 1963 – 1966.
وزيرا للخارجية
عين آبا إيبان وزيرا للخارجية في الفترة من 1966 – 1974، وهي الفترة التي شهدت حربين بين العرب وإسرائيل هما حرب 1967 و1973.
بعد استقالة غولدا مائير عام 1974 أراد رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد إسحق رابين استحداث منصب وزير الإعلام وإسناده إلى آبا إيبان لكنه رفض وفضل العمل أستاذا زائرا في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأميركية وانتقل إليها عام 1974.
رئيسا للجنة الخارجية والأمن بالكنيست
ظل إيبان عضوا في لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست منذ 1974 حتى 1984 ثم اختير رئيسا لها في 1984 حتى 1988.
مركز آبا إيبان
يهتم آبا إيبان حاليا بتدريس الدبلوماسية الحديثة لطلاب العلوم السياسية في إسرائيل عبر "مركز آبا إيبان للدبلوماسية الإسرائيلية" الذي يترأسه، كما ينشغل بالكتابة في الشؤون السياسية والتاريخية داخل إسرائيل وخارجها.
شارك وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق آبا إيبان في أكثر المراحل دقة في تاريخ النشاط الصهيوني على الصعيد الدولي أثناء استصدار قرار تقسيم فلسطين عام 1947، وكان من الشخصيات التي لعبت أدوارا مهمة في تدعيم العلاقات الإسرائيلية الأميركية بعد تحول الأخيرة إلى قوة عالمية عقب الحرب العالمية الثانية، ويعتبر من الزعماء السياسيين القليلين في العالم الذين يجيدون بإتقان سبع لغات، الأمر الذي سهل عليه ترويج السياسة الخارجية الإسرائيلية على نطاق واسع.
المولد
قرر سليمان مائير الهجرة من ليتوانيا في روسيا إلى جنوب أفريقيا أواخر القرن الثامن عشر سعيا وراء التجارة، وصحبته في تلك الهجرة زوجته ساكس أليدا، وهناك في عام 1915 أنجبا ابنهما أوبري الذي غير اسمه في ما بعد إلى "آبا" بعد إقامة دولة إسرائيل وانتسب إلى زوج والدته خبير الإشعاع إسحق إيبان بعد وفاة أبيه.
التعليم والنشأة
ربما ساعد التفوق العلمي آبا إيبان في أن يتولى أعلى المناصب السياسية، فكان أهم ما يميزه عن الكثير من القادة الإسرائيليين هو إتقانه للعديد من اللغات مثل اللغة العربية والفارسية والعبرية، كما تعلم الفرنسية والألمانية أثناء دراسته في كامبريدج إضافة إلى اللغة الإنجليزية والروسية التي كان لوالدته الفضل في تعليمها له. أما تخصصه المباشر فكان في اللغة العربية وآدابها واشتهر بتعمقه في قراءة التاريخ العربي والإسلامي.
وفي كامبريدج مارس آبا إيبان هوايته في الخطابة مما لفت الأنظار إليه، والتقى للمرة الأولى بالطلاب العرب والمسلمين الدارسين هناك مما جعله يلمس بيديه قدر الاختلافات الثقافية والفكرية بين العرب واليهود الراغبين في إقامة دولة لهم على أرض فلسطين.
التوجهات الفكرية
يؤمن آبا إيبان بما يسمى الواقعية السياسية، فهو لا ينظر إلى مجريات السياسة الدولية بمنظار المثالية ويعلن دائما "أنها لم تعد مهمة في هذا العالم"، ولذلك كان له نشاط ملحوظ كشف عنه في مذكراته عبر الوكالة اليهودية التي عملت على استصدار قرار تقسيم فلسطين من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 "عن طريق شراء ضمائر ممثلي بعض الدول، وابتزاز رؤساء دول أخرى والتلاعب في توقيت عقد الجلسات بالتنسيق مع حكومات دول كبرى كالولايات المتحدة".
ويعتبر آبا إيبان أن ما تقوم به الحركة الصهيونية "إنما هو نوع من النضال والبراعة السياسية التي استطاعت تأمين الشرعية الدولية من أجل إنشاء إسرائيل".
ويعتقد آبا إيبان أن الحل الأمثل لدولة إسرائيل دائما يكمن في "مزج الإرادة الصهيونية بالقوة المسلحة"، والاستناد في الدعاوى الصهيونية وبخاصة دعوى "الحق التاريخي" لليهود في فلسطين إلى نصوص توراتية حتى وإن كان لا يعطي لها في أعماقه وزنا.
ويقول إن الجانب المهم في هذه المسألة هو أن هناك "شعبا يهوديا" يتعرض للاضطهاد في أوروبا، ويحب تجميعه وإقامة دولة له فوق مساحة من الأرض في العالم العربي الذي يمتلك مساحات شاسعة منها.
وكان لآبا إيبان نظرة مبكرة وثاقبة في مستقبل القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وبخاصة على صعيد السياسة الدولية، وقال إنها "ستخرج من الحرب مدمرة ومنهارة اقتصاديا وعسكريا ومفككة أكثر ومقسمة إلى شرقية وغربية، وإن الكفة سترجح للولايات المتحدة التي لا تزال في بدايات الخروج من دائرة الانغلاق على نفسها".
هذه النظرة من آبا إيبان وغيره من كبار الساسة اليهود وجهت السياسة الخارجية الإسرائيلية منذ الحرب العالمية الثانية وما بعدها باتجاه القوى الكبرى الجديدة التي أسهمت في تدعيم هذا الكيان الجديد.
وقد نشر آبا إيبان أفكاره تلك في كتبه العديدة مثل: الحضارة واليهود، وأرض الميعاد، وبلدي: قصة إسرائيل الحديثة، والدبلوماسية الحديثة، وشعبي، وشاهد عيان، وآبا إيبان. وفي عام 1998 ألف كتابه "الدبلوماسية والقرن الجديد".
حياته العسكرية والسياسية
تشكيل الفيلق اليهودي
أسهم آبا إيبان بطلب من حاييم وايزمان في تشكيل "الفيلق اليهودي" الذي قاتل إلى جانب بريطانيا والحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ولم يكن آبا إيبان بعيدا عن خفايا الجيش البريطاني فقد عمل أوائل عام 1940 ضابط مخابرات في هذا الجيش. وساعد هذا الفيلق في التدريب العسكري لليهود وكان له أكبر الأثر في حرب عام 1948 التي انتهت بتقسيم فلسطين وإقامة دولة إسرائيل.
عقيدا في الجيش البريطاني
ثم انخرط إيبان في سلاح المشاة البريطاني حيث نال رتبة عقيد. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية نقل إلى القاهرة للعمل في الرقابة العسكرية بقيادة الحلفاء.
ضابط الاتصال
وفي فلسطين اختارته بريطاينا ليكون ضابطا للاتصال بين قيادة الحلفاء والفعاليات اليهودية في فلسطين.
رئيس مركز الدراسات العربية
وكانت أولى المناصب العلمية التي تولاها إيبان في مدينة القدس هي رئاسته "مركز الدراسات العربية" الذي أنشأته الوكالة اليهودية واختارت له آبا إيبان لمعرفته عدة لغات من بينها اللغة العربية.
مسؤول الدعاية السياسية
سافر إلى بريطانيا حيث تولى مسؤولية الدعاية السياسية في الوكالة اليهودية خلال عامي 1946 و1947، وذلك لكسب التأييد والدعم السياسي للحركة الصهيونية.
بين الأمم المتحدة والوكالة اليهودية
وفي عام 1947 عمل ضابط اتصال بين الوكالة اليهودية واللجنة الخاصة التي شكلتها الأمم المتحدة لبحث القضية الفلسطينية، ثم اختير عضوا في وفد الوكالة اليهودية الذي تشكل لبحث الخلاف بين العرب واليهود في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
سفيرا في واشنطن
وفي عام 1948 كان إيبان ممثلا لإسرائيل في الأمم المتحدة ثم اختير مندوبا دائما لها منذ عام 1949، وفي الوقت نفسه عمل سفيرا لإسرائيل لدى الولايات المتحدة الأميركية واستمر في هذا المنصب في الفترة من 1950 – 1959.
عضوا في الكنيست
وفي الفترة بين عامي 1958 و1966 شغل آبا إيبان منصب رئيس معهد وايزمان للعلوم، ثم انتخب عام 1966 عضوا في الكنيست.
وزيرا للتعليم والثقافة
وبين عامي 1959 و1960 عين وزيرا من دون وزارة، ثم عهد إليه بوزارة التعليم والثقافة في الفترة من 1960 – 1963، وأصبح نائبا لرئيس الوزراء في الفترة من 1963 – 1966.
وزيرا للخارجية
عين آبا إيبان وزيرا للخارجية في الفترة من 1966 – 1974، وهي الفترة التي شهدت حربين بين العرب وإسرائيل هما حرب 1967 و1973.
بعد استقالة غولدا مائير عام 1974 أراد رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد إسحق رابين استحداث منصب وزير الإعلام وإسناده إلى آبا إيبان لكنه رفض وفضل العمل أستاذا زائرا في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأميركية وانتقل إليها عام 1974.
رئيسا للجنة الخارجية والأمن بالكنيست
ظل إيبان عضوا في لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست منذ 1974 حتى 1984 ثم اختير رئيسا لها في 1984 حتى 1988.
مركز آبا إيبان
يهتم آبا إيبان حاليا بتدريس الدبلوماسية الحديثة لطلاب العلوم السياسية في إسرائيل عبر "مركز آبا إيبان للدبلوماسية الإسرائيلية" الذي يترأسه، كما ينشغل بالكتابة في الشؤون السياسية والتاريخية داخل إسرائيل وخارجها.